التهاب الكلى
التهاب الكلى عبارة عن التهاب يصيب إحدى أو كلا الكليتين، و الكلى هي أعضاء الجسم التي تقوم بتصفية الدم و التخلص من السوائل الزائدة و المواد الكيميائية غير المرغوب فيها.
يمكن أن ينتج التهاب الكلى عن اسباب و حالات صحية عديدة و مختلفة. قد تتطور اعراض التهاب الكلى مع تطور هذا المرض و مع ازدياد حالته سوءا، و لكن على الرغم من أن التهاب الكلى يشفى و يزول تماما عند ما نسبته حوالي 60% من البالغين و ما يصل إلى 90% من الأطفال، إلا أنه يعاود الظهور بشكل متكرر عند كثير من الناس مسببا لهم الارباك و الازعاج في حياتهم.
الجانب السلبي لذلك هو أنه بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين لا يتحسن لديهم هذا المرض و إنما يتطور إلى حالة أكثر سوءا مع مرور الوقت، فإنهم قد يصابون بحالة متقدمة من الفشل الكلوي حتى قبل أن يشعروا بوجود حاجة للسعي للحصول على المساعدة الطبية المهنية.
اعراض التهاب الكلى
إن اعراض التهاب الكلى تشمل ما يلي:
– تورم الساقين
تورم أو انتفاخ في الأنسجة (تبدأ في الوجه و حول العينين، و في وقت لاحق تصبح أكثر وضوحا في الساقين).
–انخفاض في كمية البول أو قلة البول
بول غامق اللون (قد يحتوي البول على الدم الذي قد لا يكون ظاهرا).
-زيادة في ضغط الدم
-ارتفاع ضغط الدم:
الصداع.
النعاس و الخمول.
الاضطرابات البصرية.
التعب و الشعور بالضيق العام (الشعور بالمرض).
الغثيان.
في حالات التهاب الكلى التي يتطور فيها المرض بسرعة، قد يشعر المريض بفقدان الشهية، كما قد يحدث تقيؤ، و ألم في البطن و آلام في المفاصل.
التهاب الكلى المزمن قد يحدث دون الانتباه الى وجوده لعدة سنوات إلى أن تظهر اعراض مرض الكلى أو الفشل الكلوي:
التعب، و حكة في الجلد، و الغثيان و القيء و ضيق في التنفس.
لا تظهر اعراض التهاب الكلى في الواقع عند حوالي نصف الاشخاص الذين يصابون بالتهاب الكلى الحاد.
و في حال ظهرت اعراض التهاب الكلى بالفعل، فإنها تشير بوضوح إلى وجود مشكلة في الكلى. حيث يؤدي التهاب الكلى إلى تسرب الدم و البروتين إلى البول، و كلما انخفضت مستويات البروتين في الدم، كلما تراكمت السوائل الزائدة في الجسم.
تظهر الفحوصات في حالة التهاب الكلى ارتفاع مستويات البروتين و خلايا الدم و خلايا الكلى في البول، بينما نجد أن نسبة الفضلات الناتجة عن عملية الايض أو التمثيل الغذائي في الجسم (مثل اليوريا و الكرياتينين) تكون مرتفعة في الدم.
قد يتم أخذ مسحات من الحلق للتحقق من أنه كان هناك التهاب ناتج عن البكتيريا المكورة العقدية (ستربتوكوكاس) في الحلق، في حين يمكن استخدام فحوصات الدم للكشف عن وجود أجسام مضادة لالتهابات البكتيريا العقدية أو غيرها من انواع العدوى، أو وجود علامات على أي استجابة مناعية غير طبيعية لدى الجسم.
– أخذ مسحة للحلق
في بعض الاحيان يتم أخذ عينة (أو خزعة حيوية) صغيرة من أنسجة الكلية لفحصها في المختبر.
.
انواع التهاب الكلى
يمكن تقسيم انواع التهاب الكلى بالإستناد إلى نوعين من المعايير:
مكان حدوث الالتهاب في الكلى و سبب التهاب الكلى.
انواع التهاب الكلى بالاستناد إلى مكان حدوث الالتهاب
يقسم التهاب الكلى بالاستناد إلى مكان حدوث الالتهاب داخل الكلية إلى نوعين:
التهاب كُبيبات الكلى هو الالتهاب الذي يصيب الكُبيبات و هي عبارة عن شبكة الشعيرات الدموية التي تقوم بترشيح الدم داخل وحدات تصفية الدم في الكلية. (عندما يتم استخدام مصطلح “التهاب الكلى” لوحده دون تحديد النوع، فإنه في الغالب يشير إلى هذا النوع من التهاب الكلى).
– التهاب كبيبات الكلى
التهاب الكلى البيني أو الخِلالي أو التهاب الكلى الأنبوبي-الخلالي، و هو الالتهاب الذي يحدث في الأماكن الفاصلة بين الأنابيب الكلوية (بين الأنابيب: من هنا جاءت التسمية “البيني”).
– التهاب الكلى البيني
يقسم التهاب الكلى اعتمادا على سبب حدوث التهاب الكلى إلى الانواع التالية:
التهاب الحويضة والكلية و هو عبارة عن التهاب الكلى الذي ينتج عن الاصابة بالتهابات المسالك البولية التي تنتشر إلى أن تصل إلى حوض أو محيط الكلى.
– التهاب الحويضة والكلى
التهاب الكلى الذئبي و هو عبارة عن التهاب الكلى الذي ينتج عن مرض الذئبة الحمامية الجهازية (SLE)، و هو مرض يصيب الجهاز المناعي.
التهاب الكلى الرياضي و هو عبارة عن التهاب الكلى الذي ينتج عن ممارسة التمارين الرياضية الشاقة.
قد يؤدي هذا النوع من التهاب الكلى إلى إلى ظهور بروتين في البول (بيلة بروتينية)، و ظهور دم في البول (بيلة دموية)، و ظهور بقايا من الكلية في البول (بيلة الاسطوانات).
عند معظم الأشخاص المصابين تكون هذه الاعراض عابرة و تختفي في غضون ساعات إلى أيام بعد انتهاء التمرين. كما أن هذه الاعراض تزداد عموما مع زيادة شدة و مدة الاجهاد البدني.
قد تكون البيله الدموية (ظهور الدم في البول) بعد ممارسة التمارين الشاقة ناتجة أيضا عن مرض بيلة مارس الهيموغلوبينية، و هي عبارة عن ظهور بروتين خلايا الدم الحمراء المسمى هيموغلوبين في البول نتيجة اصابة خلايا الدم الحمراء بضربات مما يؤدي إلى تحللها الأمر الذي يؤدي إلى إفراز بروتين الهيموغلوبين في الدم و منه إلى البول.
اسباب التهاب الكلى وعوامل زيادة خطر الاصابة به
تتنوع اسباب التهاب الكلى حيث يمكن أن تشمل الإصابة بأنواع العدوى المختلفة، و السموم، و أمراض المناعة الذاتية. يمكن أن تكون الإصابة بالعدوى من اسباب التهاب الكلى حيث تؤدي العدوى إلى حدوث استجابة مناعية غير طبيعية تقوم بمهاجمة أنسجة الكلى، إلا أن السبب الأكثر شيوعا هو اضطرابات و أمراض المناعة الذاتية التي تؤثر على أجهزة و أعضاء الجسم الرئيسية. على سبيل المثال، يكون خطر الاصابة بالتهاب الكلى أعلى عند الاشخاص المصابين بمرض الذئبة (و هو مرض من أمراض الجلد المناعية).
كما يمكن في حالات نادرة أن يكون التهاب الكلى وراثيا، على الرغم من أنه قد لا يظهر في مرحلة الطفولة.
إن اسباب التهاب الكلى (أو المتلازمة الكلوية الحادة كما تُسمى هذه المجموعة من اعراض التهاب الكلى في بعض الأحيان) تميل إلى الاختلاف بين البالغين و الأطفال.
إحدى أكثر الاسباب شيوعا و خاصة لدى الأطفال، هي الإصابة بعدوى البكتيريا العقدية، حيث تؤدي هذه الاصابة إلى حدوث رد فعل لجهاز المناعة و الذي يقوم بالحاق الضرر بشبكات الشعيرات الدموية التي تقوم بتصفية الدم في الكلى المعروفة باسم الكبيبات.
و تسمى هذه الحالة التهاب كبيبات الكلى في مرحلة ما بعد الاصابة بالبكتيريا العقدية.
– التهاب الحلق البكتيري
التهاب الحلق الناتج عن البكتيريا قد يكون أحد اسباب التهاب الكلى
اسباب التهاب الكلى الاخرى التي تكون أكثر شيوعا عند الاطفال من البالغين تشمل الحالة الصحية المعروفة باسم قرمزية هيونوخ شونلين، و هي عبارة عن التهاب في الأوعية الدموية يكون ناتجا عن استجابة مناعية غير طبيعية، و متلازمة تَبولن و انحلال الدم (Haemolytic-Uraemic Syndrome)، و هي عبارة عن رد فعل مناعي غير طبيعي على مسببات العدوى بما في ذلك عدوى و التهابات الجهاز الهضمي.
بالنسبة للبالغين، فإن الأمراض و الحالات الصحية التي تكمن وراء الاصابة بالتهاب الكلى تشمل التهاب الأوعية الدموية، و التهاب الرئة، و الخراجات، و أنواع مختلفة من الالتهابات مثل الحصبة أو النكاف أو الحمى الغدية، و التهاب الكبد، بالاضافة إلى مجموعة من الاضطرابات المناعية التي تسبب مختلف أنواع التهاب كبيبات الكلى.
مضاعفات التهاب الكلى
التهاب الكلية يعتبر أكثر اسباب تلف كُبيبات الكلى شيوعا (كُبيبات الكلى هي شبكات الشعيرات الدموية التي تقوم بترشيح الدم داخل الكلية). تلف الكبيبات هو عبارة عن اضطراب في هيكل و بناء كبيبات الكلية الذي يكون نتيجة زيادة عدد الخلايا الالتهابية. يؤدي تلف الكبيبات إلى انخفاض في مقدار الدم المتدفق إلى الكبيبات، مما يؤدي إلى انخفاض كمية البول (قلة البول)، و احتباس الفضلات في الدم مثل اليوريا (تبولن الدم).
و نتيجة لذلك، قد يحدث تسرب لخلايا الدم الحمراء من الكبيبات المتضررة أو التالفة إلى البول، مما يؤدي إلى ظهور الدم في البول (بيلة دموية). كما أن انخفاض تدفق الدم إلى الكلى يقوم يتفعيل نظام الرينين-الأنجيوتنسين-الألدوستيرون، و هو النظام الذي يعمل على ضبط ضغط الدم في الجسم، مما يؤدي إلى احتباس السوائل و ارتفاع طفيف في ضغط الدم.
– بيلة دموية
البيلة الدموية أو وجود خلايا الدم في البول
التهاب الكلى عبارة عن حالة مرضية خطيرة و هي تعتبر السبب الثامن من اسباب موت الانسان الاكثر انتشارا.
عند الاصابة بالتهاب الكلى، فإن الكلى تبدأ في إفراز البروتينات التي يحتاجها الجسم في مجرى البول. و تسمى هذه الحالة بيلة بروتينية (وجود بروتين في البول).
يمكن أن يؤدي فقدان البروتين الضروري الناتج عن التهاب الكلى إلى أعراض متعددة تهدد الحياة. إن أكثر حالات التهاب الكلى خطورة هي تلك التي يتم فيها فقدان البروتين يقوم بمنع الدم من التخثر. و هذا يمكن أن يؤدي إلى جلطات الدم التي يمكن أن تسبب حالات صحية خطيرة مثل السكتة الدماغية المفاجئة و الجلطة القلبية.
علاج التهاب الكلى
إن علاج التهاب الكلى يعتمد على نوع و سبب الحالة.
و يكون الهدف من علاج التهاب الكلى هو تقليل درجة الالتهاب،و الحد من الأضرار التي تلحق بأنسجة الكلى، و توفير الدعم للجسم إلى أن تعود وظائف الكلى إلى وضعها الطبيعي.
قد يكون من الضروري اتباع حمية غذائية تحد من تناول الصوديوم (الملح) و البوتاسيوم و البروتين و السوائل. و أحيانا قد يُنصح المريض بأخذ قسط وافر من الراحة في الفراش. يمكن أيضا إعطاء أدوية الستيرويدات أو أدوية تثبيط المناعة الأكثر قوة من أجل التقليل من الالتهابات.
– حمية منخفضة الصوديوم
قد يكون هناك حاجة إلى استخدام المضادات الحيوية أيضا، على الرغم من أن العدوى التي كانت قد تسببت في البداية في حدوث التهاب الكلى تكون قد زالت منذ فترة طويلة في الكثير من الحالات.
كما يمكن أن تكون هناك حاجة أيضا إلى استخدام الأدوية التي تعمل على السيطرة على ضغط الدم.
– الادوية
في الحالات الشديدة، قد يكون هناك حاجة إلى القيام بعملية غسيل الكلى كعامل مساعد في علاج التهاب الكلى، إلا أن ذلك يكون اجراءا مؤقتا في غالب الاحيان.
تكون عملية الشفاء و التعافي عند البالغين أبطأ منها عند الأطفال، كما أن البالغين يكونون أكثر عرضة لتطوير مضاعفات التهاب الكلى أو التقدم إلى التهاب الكلى المزمن. إنه من غير المرجح أن تتكرر المتلازمة الكلوية الحادة أو التهاب الكلى الحاد، و لكن إذا تكررت فإنه توجد فرصة تعادل حوالي 30% أو واحد إلى ثلاثة بأن الشخص المصاب سيقوم بتطوير ما يعرف باسم “مرض الكلى في المرحلة النهائية”، الأمر الذي يجعله في حاجة دائمة الى غسيل الكلى أو القيام بعملية زراعة الكلى.